-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول) GhadawiAbdullah@
طوال اليومين الماضيين تتداول مواقع التواصل الاجتماعي نبأ خطاب مرتقب لرئيس النظام السوري بشار الأسد؛ بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وهبوط مريع لليرة مقابل الدولار، مع حركة احتجاجات واسعة في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.

مواقع تابعة للمعارضة السورية تتداول أن الأسد سيعلن في هذا الخطاب التنحي عن السلطة، بعد أن بدت قبضته خاوية في ظل الهيمنة الروسية والإيرانية على مركز القرار.


كل ما يتم تداوله كان مجرد تكهنات وتمنيات أكثر من كونها معطيات على الأرض، لكن الأسد لم يتأخر كثيرا، وأخيرا خرج ببيان حزبي رث ولغة خشبية أيديولوجية يكرر نفسه بأن هناك أخطاء داخل حزب البعث أدت إلى تراجع دوره مع القواعد الشعبية، ليكون هذا البيان الحزبي هو رد الأسد على ما يجري في سورية، وهي نتيجة ليست مفاجئة لمن يعرف طريقة تفكير هذا النظام المغلق.

في مارس العام 2011 بينما كانت الأصوات تصدح بإسقاط النظام عبر حناجر آلاف السوريين كانت قهقهات بشار أعلى من كل الأصوات، إذ تجاهل أصوات المتظاهرين واعتبرهم ثلة مرتبطة بالخارج، وكان خطابه آنذاك صادما، بالنسبة لما يدور في سورية والعالم العربي من مظاهرات، فتيار واسع توقع أن يكون الأسد مختلفا في هذا الخطاب، لكنه أثبت للجميع أنه في أقصى حالات الإنكار.

واضح للجميع أن الأزمة السورية اليوم في النهايات وما زال أصل المشكلة بعد 9 سنوات قابعا في السلطة، لكن لا يمكن أن يذهب المرء إلى أدنى حالات التفاؤل بتغير موقف الأسد لسببين: أن قراره لم يعد شخصيا أو وطنيا فالأسد جلب إلى سورية من هم أكثر سطوة على القرار السياسي والعسكري، ونعني هنا الروس والإيرانيين الذين ما فتئوا يرددون على مسامعه أنه لولاهم لانتهى منذ زمن بعيد.

السبب الثاني: أن كل خطابات الأسد السابقة ارتكزت على أمرين؛ نكران الواقع ومخاطبة المقتنعين أصلا بوجوده، وعليه لن يخرج الأسد من هذه الثنائية ولن يكون هناك سوى تكرار ديباجة معروفة مليئة بالاتهامات للخارج والتنصل من المسؤولية على ما جرى في سورية، وتمنيات الاستقالة كما يراها البعض أو العصا السحرية ليست في قاموسه، حتى وعوده السابقة بالإصلاحات كانت مرفقة بمقولة «لا نملك عصا سحرية»، بمعنى أن الأسد غير قادر على منح وعود.

هذه فلسفة الأسد في كل المراحل؛ الهروب إلى الأمام ومزيد من بيع الأوهام، فلن يعترف بأدنى مسؤولية عما جرى ولن يفكر على الإطلاق بأي تنازل ذلك أنه سيقتل نفسه بنفسه في حال أقدم على تغيير ديباجته، وبهذا البيان الحزبي الداخلي يثبت أنه غير معني بكل ما يجري.